أسبوع الإنجاز ومكافحة الفساد/ سيدي عبد الله محمد الأمين السالك

كانت جولة عطلة نهاية الأسبوع التي قام صاحب المعالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي بتعليمات من صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني والتي وصفها بالوضوح والاستعجال ليعبر عنها في اجتماع يوم الخميس 08 / أكتوبر / 2025 أمام اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة انواكشوط؛ ليأتي التنفيذ مباشرا في أول عطلة أسبوع، ولئن كان هدف الزيارة الأساسي هو الوقوف على مدى تقدم الأشغال وفق دفتر الالتزامات للبرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة انواكشوط الذي أشرف صاحب الفخامة على بلورة فكرته وتطوير تصوراته ثم إطلاقه رسميا يوم 20 يناير 2025، فإنها شملت مشاريع أخرى وجه صاحب الفخامة رئيس الجمهورية وزيره الأول بالوقوف على وضعيتها والعمل على إنهاء حالة التأخر التي تعيشها بتذليل الصعاب التي تقف أمام انتهائها، ولم يكد الوزير الأول ينتهي من متابعة قرارات جولة الإنجاز وفي ثاني أيام عمله حتى جاءته تعليمات أخرى في شأن طالما أرق الموريتانيين يتعلق الأمر هذه المرة بالتنفيذ الفوري والعاجل لمخرجات تقرير محكمة الحسابات الهيئة الدستورية التي كانت مشجبا للمعارضين والمتحاملين فترات خلت.

فماهي أهم المعطيات والانطباعات عن أيام متابعة الإنجاز؟ وما مدى الجدية والصرامة في تعليمات صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني التي عبر عنها وزيره الأول خلال اجتماع الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 مع القطاعات والمؤسسات المشمولة في تقرير محكمة الحسابات؟

أولا: أيام الإنجاز... متابعة لصيقة ومؤشرات ومؤشرات مشرفة.

السياق العام:

يأتي البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط وغيره من البرامج ضمن رؤية الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني التنموية التي أرى أنها تقوم على العمل باتجاهين؛ أولهما تكتيكي استدراكي يقوم على منع التدهور في الخدمات الأساسية والتهيئة للاتجاه الأشمل الذي يخطط للحلول الاستراتيجية للمشاكل الكبرى التي ينبغي أن نتجاوزها في إشكالات التنمية تمهيدا للنقلة النوعية الية التي هي طموحه للوطن، وقد اندرج هذا البرنامج وغيره من البرامج التي يخطط صاحب الفخامة لإطلاقها خلال هذه المأمورية في محور الورشات الذي تحدث عنه صاحب المعالي الوزير الأول في إعلان السياسة العامة للحكومة أمام البرلمان.

وقد بدأ التخطيط وحشد الموارد اللازمة بالتوازي مع إطلاق النهج التشاركي في تحديد الأولويات وفرز الضروريات لتبدأ الانطلاقة بعد استكمال شروطها وذلك وفق أهداف منها:

- لا منح من دون مناقصة

- لاستحقاق للمشاركة إلا وفق قانون تصنيف الشركات الذي يعد معلمة في طريق الشفافية

- لاتنازل عن ثانئية الوقت والجودة

- لاتأخر في سداد المستحقات

- المتابعة المقننة والمتابعة

ولئن كان الحديث عن أيام الإنجاز هذه فمن الضروري القول إنها سبقت بأيام من المتابعات والزيارات والاجتماعات الفنية والوزارية بل إن صاحب الفخامة رئيس الجمهورية نفسه بعد قفوله من عطلته السنوية زار بعضا من منشآت هذا البرنامج ليعطي بذلك النموذج في المتابعة والحرص على الوقوف على الحقائق دون تزويق.

مؤشرات الأداء ... أرقام تتحدث

جاءت أيام الإنجاز بعد مضي قرابة ثلثي عمر البرنامج المحدد ب16 شهرا لتكون النتائج فوق توقعات المتابعين والمتربصين ودون طموح القيادة التي كانت تأمل أن يسمح تسارع العمل بدخول مكونة التعليم كاملة الخدمة قبل الافتتاح الدراسي هذا العام؛ ورغم أن بعضا منها دخل الخدمة بالفعل قبل الافتتاح فإن البقية ستكون منها قرابة 50 مدرسة جاهزة للاستخدام قبل نهاية أكتوبر الجاري في حين ستكتمل بقية المدارس قبل نهاية نفمبر القادم إن شاء الله تعالى، أما بقية المكونات الأخرى فنسب التقدم فيها أكثر من الآجال المستنفذة بنسب متفاوتة، والجدول التالي يقدم مؤشرات بالأرقام عن مكونات البرنامج:

المكونة

نسبة التقدم

الآجال المستنفذة

المنجز

النسبة العامة

78,5%

65,5%

 

التعليم

85%

84%

بناء وترميم 241 مابين مدرسة ابتدائية ومؤسسة ثانوية

بناء أقسام مدرسية للتعليم ما قبل المدرسي

الصحة

54%

51%

بناء وترميم مراكز صحية وتحويل نقاط صحية إلى مراكز بيث يصبح المجموع 28 مركزاصحيا

 

المياه

67%

50%

تحسين التزود بالمياه

تقوية أنظمة الضخ

تحسين شبكة التوزيع

توسيع شبكة صرف مياه الأمطار

الطرق

60%

60%

73,7 كم من أصل 135 مقررة

اكتملت الطرق في: الرياض ، عرفات ، السبخة  وقريبا تكتمل في توجنين ، دار النعيم وبقية المقاطعات

الكهرباء

82%

50%

150 كم من الشبكات ذات الجهد المنخفض

تبديل 40 كم من الشبكات المتهالكة

تركيب 6 خطوط جديدة

اقتناء 4 محطات متحركة

الشباب

54

53

مسبح شبه أولومبي هو الأول من نوعه في البلاد

بناء وترميم ملعبين واحد في كل من الميناء والسبخة

بناء دار للشباب في الميناء

قاعة متعددة الرياضات في عرفات

البيئة

88%

50%

تشجير بعض من المحاور الطرقية الرئيسية

إنشاء ساحات خضراء

 

 

 

الرسائل غير المشفرة

لا يفوت معالي الوزير الأول في خرجاته الثلاث فرصة للتذكير وترسيخ جملة من الرسائل بصورة لا لبس فيها وهنا يمكن الحديث عن نوعين من الرسائل تلك الموجهة إلى العقل الجمعي التنفيذي الذي يمثله القطاع الخاص الوطني وأخرى موجهة إلى قاعدة المستفيدين بشتى مشاربها واختلاف تموقعاتها.

أهم الرسائل الموجهة إلى القطاع الخاص؛

- صاحب الفخامة رئيس الجمهورية مهتم بدعمكم ومؤمن بأنكم ثاني ركائز النهضة المنشودة إلى جانب القطاع العام ولا يدخر جهدا في دعم ومأسسة القطاع الخاص وفق نهج قابل للديمومة والعطاء والشفافية والمنهجية.

- لابد من التنظيم بما يسمح بالتخصص وعدم الغبن والجاهزية الفعلية لا المتوهمة.

- أهم عناصر التنظيم تصحيح العقليات واحترام المبادئ العامة للقطاع الخاص المؤهل للنجاح.

- الإلتزام عقد بين طرفين يجب الوفاء به والإخلال به يرتب التزامات على الطرف المخل وفق قواعد القانون وأحكام العقد.

- هذا لم يعد عصر التواصل خلف الستار والتسهيل المشروط والمنح لمصلحة.

- الأهداف الاجتماعية والوطنية في العقود محل اعتبار وعنصر تفضيل وإن لم ينص عليها في العقود؛ فالمواطن هو غاية التخطيط والاستثمار.

أهم الرسائل الموجهة إلى المستفيدين ( المواطنين)

- أنتم غاية هذا الجهد الذي يبذله صاحب الفخامة رئيس الجمهورية الذي وليتموه أمركم فأعينوه بالرقابة والمتابعة والإبلاغ.

- صاحب الفخامة رئيس الجمهورية فتح مسارب الوصول إليه دون رقيب باعتماد المنصات المتخصصة ( عين – مجتمع الصحة – مجتمع التعليم و..) فكما تم إشراككم في تحديد احتياجاتكم فأنتم شركاء في الرقابة والمتابعة.

- عليكم الاستفادة من فرص العمل التي تتيحها هذه المشاريع ونبذ الكسل ومزاحمة الوافدين في كل الأعمال.

- التكوين المهني حق للراغبين وشرط للمواكبة فلا تفوتوه.

- تضافر الجهود والتمييز الإيجابي والأخذ بأيدي المتأخرين يكرس مفهوم الإنصاف ويعزز الأخوة بين أبناء الوطن الواحد.

- لا ديمغوجية في الخطاب ولا تستر على فشل أو إخفاق؛ فنحن أسعد بالاعتراف بالحقيقة مهما كانت من المتحامل أو المنتقد في هجومه المؤسس أو غير المؤسس.

ثانيا: مكــافــحـــة الفــســاد... من الخطاب إلى الشفافية والمحاسبة

كانت محاربة الفساد - ومنذ إعلان صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغواني الترشح في 01 مارس 2019 – ركنا ركينا وثابتا في خطاباته ومحددا أساسيا في توجيهاته وسياساته وفي إطار المتابعة –ولا أدعي الإحاطة – فقد عمل على مستويا ثلاث هي:

- المستوى الأول هو كبح حدته بتهيئة الأرضية والعمل على تصحيح المفاهيم والعقليات ونبذ السلوكيات المرتبطة به وتبني تيار مكافحته بغض النظر عن ولائه السياسي، ورافق هذا المستوى جملة من الإجراءات التصحيحية كالتسديد دون تشهير والعزل دون تبرير.

- المستوى الثاني استكمال الهياكل والمساطر القانونية الكفيلة بالعمل على محاربته، ورافق هذا المستوى التشاور الأفقي مع المختصين والتمحيص الجاد والبناء توج بإنشاء سلطة لمحاربته يجري العمل على استكمال بناها الهيكلية الآن.

- المستوى الثالث هو ما تشكل هذه الأيام عنوانه الأبرز في سابقة أولى من نوعها وهو نشر تقرير محكمة الحسابات والتوجيه بالتفاعل السريع والصارم مع مقتضياته وهو ما سنقف عنده بشيء من التفصيل.

      تقرير محكمة الحسابات وتداعياته

بعد تسلم فخامة رئيس الجمهورية يوم الأربعاء الماضي الوافق 08 أكتوبر 2025 تقرير محكمة الحسابات من رئيسها عن تدقيقات 2022 – 2023 سال حبر كثير وملأت ساحات فضاءات التواصل الاجتماعي تدوينا وضجيجا ودون الخوض في توجهات الرأي العام إلا أن الغالبية لم تتكن تتوقع مثل هذه السرعة في القرار والحزم والصرامة فيه ويعود ذلك ربما لعدم فهم مسار مكافحة الفساد الذي ينتهجه صاحب الفخامة المبني على عدم تضييع الحقوق العامة والخاصة وتوظيف الطاقات والكفاءات والاستغناء عن من ثبت تورطه في ملفات فساد.

أنها المرة الثانية التي ينشر فيها تقرير محكمة الحسابات في ظل نظام صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حيث كان نشر التقرير قبله من المشاجب التي يعلق عليها الاتهام بعدم الديمقراطية وعدم تطبيق القانون؛ لكن المرة الثانية هذه اتسمت بقرب اكتمال هياكل محاربة الفساد ومحاسبة مشمولي تقارير المفتشيات وفق آلية عدم تضييع الحق العام والخاص لتحين لحظة التفاعل الإيجابي والسريع مع تقرير محكمة الحسابات وهو قبل تناول جانب التعليمات ورسائلها؛ سيفتح الباب لتكريس احترام الهيئات الدستورية والحكومية لوظائفها وسيعزز النهج ويحمي المكتسبات.

تعليمات صارمة... لا مجال للتأخير  

كانت مباني الوزارة الأولى يوم الثلاثاء على اجتماع استثنائي بكل المقاييس، فالحاضرون لا يعرفون جدول أعمال الاجتماع على غير العادة وتنوع المدعوين يمنع من تخمين المواضيع الحكومية المشتركة؛ إذ طلع علينا صاحب المعالي الوزير الأول فقال بلهجة الحازم وجهت إلي تعليمات من صاحب الفخامة تقضي بدعوة كل القطاعات والمؤسسات التي تناولها تقرير مجكمة الحسابات ووفقا لتلك التعليمات:

- يلزم كل واحد منكم بتقرير يتضمن خطة بالجدولة الزمنية لتنفيذ التوصيات والإجراءات الواردة في تقرير محكمة الحسابات ومتطلبات تنفيذ تلك الخطة وتقديم بيان في مجلس الوزراء عن تقدم تنفيذها.

- يلزم كل واحد منكم بتطبيق العقوبات المناسبة للمشمولين في التقرير دون الحاجة إلى الانتظار مع إعلامنا بالإجراء المتخذ في التقرير المقدم. 

- يلزم كل واحد منكم باقتراح العقوبة المناسبة للمشمولين في التقرير والعاملين في قطاعاتكم ويدخل عقابهم في اختصاص مجلس الوزراء.

- يلزم تنفيذ هذه التعليمات في أجل أقصاه آخر وقت للعمل من يوم الجمعة 17 أكتوبر 2025

إن تحمل المسؤولية في متابعة البرامج التنموية والشفافية في المنح والمتابعة والنتائج المتحصل عليها قبل انتهاء الأجال بالإضافة إلى السعي لتنفيذ مخرجات تقرير محكمة الحسابات ينبغي أن يكون محل إشادة وتقدير من المنصفين والنخبة على مساحة التجاذب الوطنية، فهذا المكسب التاريخي والنقلة النوعية والجراءة الفذة ينبغي للجميع مواكبتها بالإشادة بها والوقوف خلف صاحب الفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في سعيه الحثيث لتخفيف وطأة العيش على المواطنين وحماية ممتلكاتهم.  

 

مستشار الوزير الأول المكلف بالإعلام

سيدي عبد الله محمد الأمين السالك