علاقة الموريتانيين بإفريقيا قصة ارتباط وجداني تنمو وتعزز باضطراد؛ إفريقيا ذلك الحيز الرحب الرحيم الذي يحتضننا، كبلد وشعب، بجزيل الخير والود والاعتبار. ورغم عوادي الزمن وتقلبات الظروف ظلت أبواب كل الدول الإفريقية حتى النائية منها، مشرعة دائما أمامنا كموريتانيين ولا تزال أواصر المودة وحسن الجوار والثقة المتبادلة تطبع علاقاتنا الثنائية بكل بلدان قارتنا الحبيبة.
لقد برهن انتخاب فخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني على رأس الاتحاد الافريقي، المنظمة الجامعة لكل دول القارة، بإجماع تام على المكانة الخالدة لموريتانيا في ربوع القارة وفي أذهان شعوب وقادة دولها الذين يرون فيها محل وملاذ ثقتهم ومظنة الرشد والمصداقية وركنا يأوون إليه كلما اشتدت التجاذبات والاصطفافات داخل منظومتنا القارية؛ وهي خصال لمسها القادة الأفارقة في شخص فخامة رئيس الجمهورية منذ وصوله للسلطة بما له من قدرة على فهم أسباب معضلات الوضع القاري، وتفهم مواقف أطرافها، وبلورة الحلول المناسبة بالشراكة والتشاور مع إخوانه القادة.
عظيمة هي غبطتنا بهذا الإنجاز المتمثل في رئاسة بلادنا للاتحاد الافريقي، بما له من دلالات دبلوماسية وما نؤمله فيه من تعزيز حضورنا وتأثيرنا في المحافل الإقليمية والدولية؛ لكن لهذا الحدث، بالنسبة لنا معاشر الموريتانيين المقيمين بالخارج، وجها لا يقل إشراقا بما له من انعكاسات إيجابية منتظرة على أوضاع جالياتنا في القارة. ولا شك أن لقاءات رئيس الجمهورية الأولى على هامش القمة حملت بشارة مؤكدة أن شؤون جالياتنا كانت الحاضر الأبرز في أجندة رئيس الجمهورية الذي لم تلهه زحمة المواضيع وإلحاحها وضيق الوقت عن طرح قضايا الجاليات والتباحث بشأنها في لقاءين متتاليين مع أخويه كل من الرئيس الكونغولي:دينيس ساسو نغيسو، والرئيس الأنغولي:جواو لورينسو، حيث يعتبر ملف الجاليات أهم الملفات الثنائية مع البلدين الشقيقين بما لمواطنينا من حضور اقتصادي قوي فيهما، حيث تحتضن الكونغو جالية موريتانية عريقة ظل ريعها مدرارا على البلد منذ عقود وساهمت بفعالية في استمرار وتطور علاقات الأخوة والصداقة القوية بين البلدين منذ الاستقلال إلى الآن، كما هو الحال أيضا بالنسبة لجمهورية أنغولا التي تحتضن بدورها، خاصة منذ مطلع القرن الحالي، جالية تتصدر نسبة التحويلات المالية لعقدين متتاليين مما مهد لرفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين ليصل لافتتاح سفارة دائمة لبلادنا هناك.
لقد أصبح الموريتانيون بمختلف توجهاتهم يتفقون على المستوى الكبير الذي يحظى به ملف جاليات من رعاية قصوى لدى صاحب الفخامة، تأطيرا وتطويرا لمردودية نشاط الموريتانيين في الخارج، ورعاية لمصالحهم، ومتابعة لأوضاعهم من قبل القطاعات المعنية في الدولة ومع مصالح بلدان الإقامة وخاصة الإفريقية منها كونها الحاضن الأكبر لمهاجرينا، مما مكن من تجاوز عديد المشكلات المستعصية منذ نشأة الدولة وحتى الآن (ازدواجية الجنسية، تجديد جوازات السفر عن بعد، إجراءات نقل الأموات، التدخل السريع والفعال عند حدوث الأزمات. الخ..)، وقد توجت هذه العناية باستحداث وزارة منتدبه معنية بالموريتانيين في الخارج مما شكل نقلة نوعية وخلال وقت قياسي في تطوير العمل الحكومي في هذا المجال، وهو ما ترك أثرا إيجابيا بالغا في نفوس مغتربينا سيعزز صلاتهم وارتباطهم ببلدهم واستفادة الوطن منهم مهما تباعدت المسافات.
إن تصدر موريتانيا للمشهد الافريقي في هذه المرحلة، من خلال الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي والثقة الكبيرة التي يحظى بها شخص رئيس الجمهورية لدى كافة القادة الأفارقة واللقاءات والاتصالات المنتظرة مع نظرائه الأفارقة بحكم موقعه الحالي، أمور من بين أخرى ستعزز فرص وحضور جالياتنا في بلدان المهجر الافريقي وستمكن من التغلب على كافة المعوقات التى تعترض نمو استثماراتهم وتعزيز تواجدهم كمكرمة لرئيس دولتنا الذي تتصدر هموم مواطنيه أولوياته وتفكيره حيثما حل أو ارتحل.
محمد محمود محمد الأمين أحمد دوله
أمين عام اتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم